عن ظاهرة الكذب لدى الأطفال

معظم الإباء والأمهات يجدون نفسهم محرجين أمام كذب أطفالهم, وقد يشعرون انهم فشلوا في تربية أبنائهم. لكن هل الطفل الذي يكذب هو حقا طفل غير مؤدب وغير خلوق؟ وهل سيكبر ليكون شخص غير أخلاقي؟

 

كل الإجابات في المقال التالي!

 

 من المهم أن نفهم ان الكذب عند الأطفال هو ظاهرة طبيعية تدل على تطور سليم للقدرات المعرفية والعاطفية. اذ تشير الابحاث إلى أن الأطفال يبدأون في الكذب قرابة عمر سنتين. في الواقع، كلما كذبوا مبكرًا وكلما كانت أكاذيبهم أكثر تعقيدًا زاد نجاحهم في الحياة.

 

 كما انه من المهم أن نتذكر أن الأكاذيب بشكل عام هي ظاهرة طبيعية وتظهر الأبحاث أنه حتى البالغين يكذبون 10 مرات على الأقل في اليوم!  لذلك، فإن توقعنا من الطفل أن يكون صادقًا طوال الوقت ليس أمرًا واقعيًا أو إنسانيًا.

 

 فقط بعمر السابعة يستطيع الطفل أن يستوعب انه من غير الأخلاقي أن يكذب، وعندها فقط قد يشعر بالذنب حيال كذبه. اما قبل عمر السابعة لا يفهم الأطفال دائمًا ما المشكلة بالكذب. مثلا: الطفل الذي يكذب بشأن واجباته المدرسية، قد يشعر أن كذبه مفيدة للجميع، فهو قد أراح نفسه، ووالديه لا يشعران بالغضب.

 

مع هذا، إذا كان الطفل يكذب بوتيرة جدا عالية، وإذا كانت الأكاذيب مصحوبة بسلوكيات مقلقة أخرى، فيجب عليكم التوجه وطلب المشورة المهنية.  السلوكيات المقلقة تشمل تراجع بالسلوك (مثل العودة إلى التبول اللاإرادي)، أو مشكلات سلوكية أو عدم شعور الطفل بالندم عند القبض عليه متلبسا بالكذب.

.

 

كيف يتعلم الأطفال الكذب؟

 من أجل قول كذبة بنجاح، يحتاج الأطفال إلى تطوير مهارتين مهمتين.  الأولى هي ما يسميه علماء النفس “نظرية العقل” Theory of mind – فهم أن وعيي مختلف عن وعي الآخر وبالتالي يمكنني أيضًا التأثير فيه. مثلا, قول معلومات غير صحيحة ومعرفة أن الشخص الآخر لا يعرف أنها كذبة. المهارة الثانية هي التحكم بسلوكه وتصرفه. يسمح هذا التحكم للطفل بالاحتفاظ بالمعلومات الصحيحة معه، دون الكشف عن الكذب من خلال تعابير الوجه أو الصوت.  

 

يتيح وجود المهارتين معًا استعمال 3 أنواع من الأكاذيب:

 

 

  1. كذبة “صحية” – كذبة تتعلق بعالم الخيال, وهي شائعة بشكل خاص بين الأطفال في سن صغيرة (2-4).  هذا النوع من الكذب مهم لتنمية الإبداع والخيال والتفكير الخيالي. مثلا: فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات تقول إنها تستطيع الطيران.

 

  1. كذبة “بيضاء”- كذبة لصالح الآخر تهدف إلى منعه من الألم أو إسعاده، وترتبط بمهارات التعامل مع الآخرين.

 

  1. كذبة “سيئة” – كذبة لصالح الذات تهدف إلى تجنيب النفس الألم أو الحصول على المتعة. مثلا: طفل يكذب ويقول أنه لم يرسم على الطاولة (لتجنب الألم بسبب غضب الوالدين) أو الغش في لعبة بهدف الربح (للحصول على المتعة).

 

 كيف نتصرف عندما يكذب الطفل؟  

 بعد أن يستوعب الأطفال قيم وأخلاقيات المجتمع وتتكون لديهم القدرة على الشعور بالذنب (حوالي سن السابعة)، فإن المدة التي يستمرون فيها بإخفاء الحقيقة أو الكشف عنها يعتمد على توقعاتهم لرد فعل والديهم.  إذا كان الطفل يعتقد أن والديه سيقدرانه لقول الحقيقة، فإنه يفضل الاعتراف إذا ارتكب فعلًا سيئًا.  من ناحية أخرى، إذا كان خائفًا من العواقب او العقاب فغالبًا ما يفضل الكذب لتجنبها.

 

 أعددت لكم 12 نصيحة لتشجيع أبنائكم على قول الحقيقة:

 

  1. من المهم أن تشرح لطفلك الفرق بين الأنواع المختلفة من الأكاذيب – كذبة “بيضاء”، كذبة “سيئة”، كذبة “صحية” (بهدف اللعب). من الممكن شرح أهمية تحمل المسؤولية عن أفعالنا، وأننا قد نشعر بشعور سيء عندما نكذب, مثل شعور الذنب وشعور الخوف من ان تنكشف الحقيقة.  بالإضافة إلى ذلك، علينا ان نشرح لأطفالنا ما هو السلوك السليم الذي نتوقعه منهم.

 

  1. الوالدين كمثال يحتذى به: نحن جميعًا نكذب كذبا “صغيرًا” كل يوم. لكن الأطفال الصغار الذين بدأوا للتو في التعرف على “المسموح” و “الممنوع”، قد يواجهون صعوبة في التمييز بين الكذبة الصغيرة والكبيرة وبين كذبة “جيدة” و “سيئة”. لذلك. قد يكون الانكشاف لكذب الوالدين مربكًا للطفل، وقد يجعله يعتقد أن الكذب سلوك عادي ومقبول. انتبهوا إلى الكذب في وجود الأطفال الصغار، وإذا كانت كذبة “بيضاء” ، اشرح للطفل كيف تختلف عن الكذبة “السيئة”.

 

  1. الكذب غير مرغوب فيه، ولكنه شيء طبيعي: كما ذكرنا، لا يوجد طفل أو شخص لا يكذب.  لذلك، من المهم أن تكون ردة فعلنا كوالدين تتماشى أيضًا مع الواقع.  عندما نتصرف بقسوة، سواء بسبب الضغط “لا تكذب علي هكذا مرة أخرى” أو سواء من محاولة لتأديب الطفل “في هذا المنزل لا نكذب!”، نحن نضع توقعات عالية وغير واقعية من أطفالنا.  عندما لا تكون كذبة “سيئة”، حاول أن تنقل للطفل أنك تفهم أنه من الصعب أحيانًا قول الحقيقة، لكن قول الحقيقة مهم.  ستساعد هذه الرسائل الطفل على أن يشعر بالأمان بقربك، مما يقلل من خوفه من الاعتراف بعد الكذب.

 

  1. أشر إلى الكذبة بلطف: في بعض الأحيان عندما يخفي الطفل عملاً سيئًا ارتكبه ونحن نعلم عنه، فإننا نميل إلى طرح أسئلة مباشرة على أمل أن يعترف (“من كسر الإناء؟”).  قد تزيد هذه الأسئلة من خوف الطفل من قول الحقيقة، وتؤدي إلى خيبة أمل أكبر لدى الوالدين.  بدلاً من ذلك، حاول أن تشير بلطف إلى ما تعرفه بالفعل (“أعتقد أنني سمعت صوت كسر الاناء عندما كنت في الغرفة الأخرى”).  بهذه الطريقة تخلق فرصة أكبر للطفل للاعتراف وعدم الكذب.

 

  1. التعزيز الإيجابي في الوقت المناسب: تظهر الدراسات أن الأطفال الذين يتوقعون استجابة أكثر إيجابية من والديهم إذا اعترفوا بارتكاب فعل سيء يكذبون أقل. بالإضافة، عندما يعترف طفلك بأنه فعل شيئًا خاطئًا، امتدح صدقه.  قل أشياء مثل، “أنا سعيد جدًا لأنك أخبرتني بالحقيقة.”  

 

  1. إذا اختلق طفلك قصة، قل شيئًا مثل، “هذه قصة رائعة ، يمكننا كتابة كتاب!”  بهذه الطريقة ستشجع طفلك على استخدام خياله دون كذب.

 

  1. حاول قراءة الكتب أو سرد القصص التي تؤكد على أهمية الصدق، مثل قصة الطفل الذي يصرخ كل يوم ذئب بدون ان يكون صادق، حتى يأتي يوم يهجم عليه الذئب حقيقة لكن لا احد يصدقه، فيتعلم الطفل كيف يمكن للأكاذيب أن تؤذينا.

 

  1. من المهم معالجة الكذب والسلوك الذي أدى إليها بشكل منفصل.  إذا كان طفلك يكذب لجذب انتباهك، ففكر في كيفية منحه الاهتمام بطرق أكثر إيجابية.  إذا كذب للحصول على شيء يريده، مثل كتاب جديد، فحاول التفكير في طريقة مكافأة تسمح له “بكسب” الكتاب.

 

  1. لا تقل لطفلك أنه “كاذب”.  يمكن أن تضر هذه التسمية بتقديره لذاته، وقد تؤدي إلى المزيد من الأكاذيب.  أي إذا كان طفلك يعتقد أنه كاذب فالأفضل له أن يستمر في الكذب.  من الأفضل التحدث عن سلوكه ووصفه (“ما قلته للتو غير صحيح”) وليس عن نفسه (“أنت كاذب”).

 

  1. إذا كان طفلك يكذب كثيرًا، يجب أن تتحدث معه عن الأمر بهدوء.  خصص وقتًا للمحادثة، وأخبر طفلك كيف تجعلك أكاذيبه تشعر (انك قد تشعر بخيبة امل من تصرفه ومن نفسك لأنك لم تنجح بتربيته على قول الحقيقة)، وكيف تؤثر على علاقتك به، وماذا سيحدث إذا توقف أفراد الأسرة والأصدقاء عن تصديقه.

 

  1. عندما تكون متأكدا أنه لا يقول الحقيقة، واجهه وأخبره أن صفات مثل الصدق والنزاهة مهمة بالنسبة لك.  ومع ذلك، لا تستمر في سؤاله عما إذا كان يقول الحقيقة.

 

  1. أحيانًا قد يستمر طفلك بالكذب بغض النظر عما تفعله. مع ذلك، إذا واصلت الثناء عليه واعطائه الاطراء لقوله الحقيقة, فمن المحتمل أن يكذب طفلك أقل مع تقدمه في العمر.