لماذا اليوم، مع اننا بالقرن الواحد والعشرين ومع كل التطور والانفتاح الذي حصل بالعالم لا زال لدينا صعوبة بالتحدث وطرح موضوع الجنس والجنسانية.
اذ أن هذا الموضوع لا يزال يعد “تابو”- موضوع ممنوع ولا يجوز الاقتراب منه, وذلك لان التربية على مدار الاف السنين ربت أجيال بدون أي حديث مفتوح بهذا الموضوع, فكل جيل كان ينقل للجيل القادم بأن هذا الموضوع خطر ولا يجوز الاقتراب منه.
لذلك، عندما تذكر أمام معظمنا كلمة جنس أو جنسانية فهناك ثلاثة كلمات قد تردد وتتبادر حالا الى أذهاننا:
عيب, ممنوع, وحرام
أما المشاعر التي قد ترافق المعظم فهي:
الخوف, الإثم, الإحساس بالذنب, والخجل
وأحيانا كثيرة أيضا الإحساس بالقرف
أما لدى “المنفتحين” أكثر فقد يستغلون أي موقف لاستعمال النكت الجنسية. والحديث بموضوع الجنس على أنه الأساس لكل شيء.
فنرى تطرف لدى المعظم بالتعامل مع موضوع الجنس:
الكبت وعدم التطرق لهذا الموضوع بتاتا كأنه غير موجود.
أو الانفتاح الكلي بدون القدرة على وضع حدود واضحة وامنة.
لماذا من المهم اليوم بالذات أن نبدأ بفتح موضوع الجنس والجنسانية بيننا وبين أنفسنا وبعلاقاتنا مع أبناءنا؟
هناك عدة أسباب:
أهمها هو وجود الغريزة الجنسية من جيل صفر، حتى أن بعض الأبحاث الحديثة أثبتت أن هناك انكشاف للغريزة الجنسية، ولمس للأعضاء الجنسية أيضا لدى الجنين برحم والدته.
اليوم، مع وجود الانترنت أصبح كل العالم قرية واحدة صغيرة. بالماضي كنا نعيش بقوقعة معينة، نعرف ما علينا معرفته من قيم وأخلاق من أهلنا، مجتمعنا وديننا، دون أن نكون مكشوفين على وجود مجتمعات أخرى لديها قيم مختلفة وعادات مختلفة بالذات بكل ما يخص موضوع العلاقات بشكل عام والعلاقات الجنسية بالذات.
فمع الانكشاف لعوالم أخرى، والتطور الذي حصل بكل ما يخص الهواتف الذكية وشبكات التواصل الإجتماعي وانكشافنا وانكشاف ابناءنا الذين من الطبيعي أن يبدأون بالسؤال لماذا نحن مختلفون، وهل بالفعل عاداتنا وتقاليدنا هي أحسن من المجتمعات الاخرى؟ واجابة معظم الاطفال وبالذات المرهقين ستكون كلا.. لانه أحد أهم احتياجاتنا كبشر.. هي حاجة الحرية، بالذات باخذ قراراتي عن نفسي..
اليوم المضامين الجنسية والرسائل الجنسية موجودة بكل ما يتحرك حولنا، بإعلانات الملابس(حتى ملابس الاطفال)، بأفلام الكرتون (حتى توم وجيري) وطبعا بتصويرنا لأطفالنا مع حركات إغرائية.
اليوم، وبسبب وجود الهواتف الذكية بيد أطفالنا منذ نعومة أظافرهم، مما يجعلهم عرضة للانكشاف لصور/ افلام إباحية، وبمراحل متقدمة أكثر قد يكونون عرضة للتحرشات الجنسية من قبل منحرفين يبحثون عن أطفال لصب احتياجاتهم، او من مراهقين يبحثون عن تفريغ طاقاتهم الجنسية المستثارة بشكل دائم.
لكل تلك الاسباب، للأسف نظريات علم النفس التي تحدث عنها فرويد عن تطور الجنسانية لدى الاطفال قد تغيرت. ففرويد تحدث على أن الغريزة تكون بأوجها حتى عمر خمس سنوات، وعند دخول الطفل للمدرسة تدخل الغريزة الجنسية بسبات، الى أن يصل الطفل الى جيل المراهقة, لدى الفتيات عمر 11-12 ولدى الصبيان 12-13. لكن للاسف بسبب الانكشاف الدائم على رسائل جنسية ومضامين جنسية فإن غريزة قسم ليس بصغير من الاطفال لم تدخل الى سبات، ولهذا نجد اليوم أن أطفال بعمر 6/7 سنوات قد أصبحنا نعرفهم كمعتدين جنسيا.
(طبعا كل هذا كان موجود أيضا من قبل بالذات لدى الأطفال الذين كانوا شاهدين على علاقات والديهم الجنسية) الا أن في القديم كان الطفل يتخيل ما يحدث، اما اليوم فباستطاعته أن يرى كل ما يحدث بكبسة زر، وهذا ما يجعله مستثار أكثر وعرضة أكثر ليتحرش بأطفال آخرين، ويجعل كل طفل معرض للتحرش الجنسي.
فكل هذا يحتم علينا كأهل وكمربين أن نبدأ بفتح افاقنا والتحدث عن الجنس والجنسانية براحة أكبر، لأن وظيفتنا هي الوجود مع أبناءنا، بناء علاقة قريبة منهم واعطاءهم الاحساس بأنكم عنوانهم بكل ما يحدث معهم، وأن بامكانهم الوثوق بكم بأنكم ستقفون الى جانبهم وتساندوهم اذا تعرضوا لأي شيء..
كيف نبدأ بالتربية الجنسية السليمة بجيل الطفولة المبكرة:
اولا: تسمية الأعضاء الجنسية باسمها العلمي/الديني (حتى بالدين هناك تطرق للأعضاء الجنسية بأسماءها العربية)
لدى الفتاة: فرج
لدى الذكر قضيب (لان الاسم غير دارج بمجتمعنا، بامكانكم استعمال كلمات أخرى بشرط أن لا تكون الكلمات التي تستعمل كمسبة او ككلام بذيء)
ثانيا: من المهم الانتباه وعدم استثارة المناطق الجنسية لدى الأطفال حتى بعمر الأشهر.
ثالثا: من بعد عمر السنتان: نشرح للطفل أو الطفلة أن هناك مناطق حساسة بجسم كل انسان، والتي يمنع من أي انسان غير الطفل او الوالدين او الطبيب بحضور الوالدين أن يلمسهما.
لدى الذكر منطقة القضيب والمؤخرة.
لدى الأنثى منطقة الفرج، المؤخرة والصدر.
بجيل متقدم أكثر نشرح للطفل أن هذه أماكن خاصة به وأن لا يسمح لأي من أصدقاءه بلمسه قصدا بهذه المناطق.
وهنا من المهم أن نشرح له بأن عليه الانتباه من البالغين أيضا بمحيط.
اسفة لطرح الموضوع بهذا الشكل الا انه ب 80% من حالات الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، المعتدي كان من المحيط القريب وبالذات من العائلة.
فلهذا احذر طفلي أيضا من الأقرباء، من المهم أن نعلم أبناءنا أن يستمعوا الى حدسهم: “حتى لو كنت مع جدك/ عمك/ خالك/ ابن عمك.. اذا شعرت بأن ما يحدث بينكم لا يشعرك بالراحة أطلب منه الابتعاد عنك/ اصرخ بوجهه/ وقل له اياك الاقتراب مني..”