بمعظم كتب علم النفس ونظريات علم النفس، هناك حديث عن النمو والتطور النفسي السوي والسليم، وعن كيف متوقع من كل إنسان أن يعيش بطريقة سوية وملائمة.
لذلك معظمنا كمعالجين توقعنا ببداية طريقنا أن وظيفتنا هي مساعدة متلقي العلاج بالتغلب على عوارض الخوف/الاكتئاب/ أو اي اضطراب نفسي اخر, لكي يصل لعيش حياة سوية التي تمكنه من استغلال جميع قدراته: مثل أن يبني علاقات ملؤها الاكتفاء, أن ينجح بدراسته, أن ينجح بعمله وأحيانا أن يجد المعنى الأسمى لوجوده, وأن يكون سعيدا، مرتاحا ومكتفيا.
أرى أحيانا أننا كمعالجين نحكم على حياة متلقي العلاج. ونقول بيننا وبين أنفسنا وأحيانا قد نقول لمتلقي العلاج: أنا متأكد أنه بإمكانك أن تكون بمكان مختلف, بإمكانك أن تكون كالآخرين, حتى لو لم يطلب هو ذلك, ونعتقد انه اذا قام باتباع الخطوات اللازمة وغير طريقة تفكيره سوف تتغير حياته وسيشعر بالاكتفاء.
أحيانا قد يكون ذلك صحيحا, بالذات اذا كانت هذه أهداف متلقي العلاج نفسه. لكن أحيانا أخرى قد نخطيء الهدف كمعالجين وتكون هذه أهدافنا نحن لمتلقي العلاج, وهذا الهدف نابع على الأغلب من حكمنا وتقييمنا على أنه هناك طريق معين والذي هو الطريق الأنسب والأصح.
خلال السنوات الأخيرة تعلمت كثيرا من متلقي العلاج الذين تحدوني وجعلوني أفهم أنه لا يوجد طريق واحد مناسب للجميع وأنه لدى أشخاص معينين, ما قد يعد “طبيعيا” قد يجعلهم “ميتون نفسيا”. ومعهم فهمت أني أيضا أفعل كما الاخرون بحياتهم, أحاول “تصليحهم” لكن بطريقة ألطف.
الطريق تبدأ بأن نعترف أننا كمعالجين أيضا نحكم, ونحكم كثيرا بداخل غرفة العلاج, وأنه آن الأوان أن نكون واعين أكثر لأحكامنا وتقييماتنا وأن نحاول أن نفهم أن جزء من وظيفتنا هي مرافقة متلقي العلاج باكتشاف مكامن ضعفه ومكامن قوته وايجاد المسار والطريق الملائم أكثر له، وبحث الأثمان التي قد يدفعها، والأرباح التي يحققها, حتى لو كان قد اختار مسار يختلف جدا عن المسار الذي كنا قد نختاره له او الذي نعتقد نحن أنه الأنسب له.